رنات إسلامية
صحيح الامتحان الوطني للغة العربية (مسلك العلوم الانسانية)2010
  ››   صحيح الامتحان الوطني للغة العربية (مسلك العلوم الانسانية)2010
    ››  يتصفح المنتدى الآن:   1 زائر

صحيح الامتحان الوطني للغة العربية (مسلك العلوم الانسانية)2010

  صحيح الامتحان الوطني للغة العربية (مسلك العلوم الانسانية)2010
هذه المشاركة بواسطة issa
#1
انقر لمشاهدة الصورة الأصلية في نافذة جديدة

من المسلم به أن النثر العربي مثله مثل الشعر عرف تطورا تمشيا مع وتيرة التطور والتحول الذي عرفته الحياة العربيةمنذ بداية النهضة. ومعلوم أن الأدباء العرب ورثوا أشكالا نثرية كالمقامة والرسالةوالرحلة والخطابة والمناظرة والحكاية وفطنوا إلى أن بعض هذه الأشكال النثريةلايمكنها أن تجاري إيقاع التحولات فعملوا على تطويرها من جهة واستنبات أشكال أخرىوافدة من الغرب في تربة النثر العربي من جهة أخرى. وهذا التطور والولادة للأشكالالنثرية يؤول إلى مجموعة من العوامل كبروز الطبقة البورجوازية وتوسع المدينة ونشوءالهيئات السياسية والدخول في الصراع مع الحركات المناوئة وانشار التعليم والصحافةواتساع محيط القراء. وكانت القصة من أنسب الأشكال النثرية التي لها القدرة علىالتعبير عن تفاعلات الحياة اليومية ومشاكلها نظرا للتكثيف والاختزال والوحدة التيتميزها.
إذا كانت القراءة الأولية للنصقد مكنتنا فقط من تنميطه داخل القصة فإن قراءتها قراءة فاحصة هي التي تكفل لناالحكم عليها. وقبل ولوج عالم القصة لابد من طرح تساؤلات توجه قراءتنا نحو الحكمالتقييمي.: فما هي أحداث هذه القصة ؟ كيف تطور مسارها؟ ما هي الشخصية المركزيةومميزاتها؟ ما سماتالزمان والمكان؟ ومادورهما في تطور الأحداث؟ ما هي أبعاد القصة؟إلى أي حد تمتلك القصة القدرة على التعبير عن بعض الظواهرالاجتماعية؟
بداية وقبل الإجابة على هذهالتساؤلات نفترض انطلاقا من عنوان المجموعة القصصية "أوان الرحيل" حضور حدث الموت ولعل ما يعضد هذا الافتراض المشير اللغوي الداخلي الذي أعلن عن النهاية المحتومة. " تسقط على الأرض جثة هامدة." فحدث القصة ذو طابع مأساوي.
تحكي القصة عن موظف بأحدالمصانع دأب على ممارسة رياضة العدو كل صباح وبينما هو يركض أثارت بصره كومة اعتقدفي البداية أنها كومة أحجار أو ما تبقى من الأغصان المتساقطة. وفي اليوم التالي لميكن لديه الوقت الكافي لتدقيق النظر فيها رغم سماع الحركة بفعل ما ينتظره مناستحمام وفطور وعمل. وفي اليوم الثالث اكتشف أن الكومة كومة بشرية فأراد أن يحسنإليها ليجدها قد فارقت الحياة في ظروف طبيعية قاسية.
ومادام الكاتب قد قدم القصةبتأثيث الفضاء قبل عرض الحدث (استهلال ثابث) وأنهاها بنهاية درامية فمن الطبيعي أنتتحكم علاقة التعارض بين لحظة التوازن (الاستهلال الثابث) ولحظة انعدامه( النهايةالدرامية).
إن الدارس لهذه القصة لابد وأنيلاحظ الحضور الوازن لشخصيتين في علاقتهما بالحدث: شخصية الموظف بأحد المصانعوشخصية المرأة العجوز. فإذا كانت الشخصية الأولى تمثل نموذجا بشريا من الطبقةالبورجوازية باعتبار الطقوس اليومية التي يقوم بها صباحا قبل الذهاب إلى مقر عملهفإن الشخصية الثانية تمثل نموذجا من الطبقة الفقيرة التي قست عليها الطبيعة كما قساعليها الإنسان .إنها لاتدخل في صلب الاهتمام ما دام الزمن يضغط بثقله وليس هناك وقتللجانب الإنساني. لقد تم الاعتقاد بأنها كومة من أحجار أو ركام من الأغصان وأنالحركة التي صدرت منها حركة أحد الكلاب أو القطط ( لاحظ لفظة لايهم التي تكررت فينهاية المقطعين) وفيم ستنفعها النقود التي أراد أن يحسن بها إليها في ظل أجواءالصقيع وهي ملتفة في عباءة سوداء حتى لوبقيت على قيد الحياة.؟ إنها قسوة المجتمعالصناعي الآلي الذي تسيطر عليه القيم المادية وتنعدم فيه القيمالإنسانية.
ويحضر الزمان في القصة كثيفاذا وتيرة سريعة يلتقط فيه القاص اللحظات المهمة في صنع الحدث :لحظة العدو ولحظةإثارة الكومة لانتباهه ولحظة اكتشاف الحقيقة وفقدان العجوز للحياة. وداخل هذاالزمان هناك زمنان : زمن فيزيائي يغطي صباح ثلاثة أيام وتتعلق به مؤشرات لفظية: ليلة ممطرة-فجر اليوم الثاني-اليوم الثالث- الساعة السابعة- صباحا- هنيهة- . وتجدرالإشارة إلى أن القصة تخلو من الزمن النفسي. ولقد أضفى المكان على القصة الإيهامبواقعية الحدث من خلال تأثيثه باعتباره فضاءا واقعيا. وداخله كانت تتحرك الشخصية. ورغم الإشارة إلى المنزل والمصنع كمكانين خاصين منغلقين يقتضيان الإذن والترخيصللدخول فإن الحديقة كمكان عام - ومع ذلك محددة بسياج- شكلت الفضاء الأهم الذي احتضنالحدث الفاجعة هو هنا مكان للمشردين والمهمشين والمستضعفين من الإنسان والحيوان .ولعل عتمة الصباح الباكر في علاقتها بكثافة أغصان الأشجار هي ما جعلت المكان ينطبعبوسم الخوف والرعب.
وعموما إن القصة اتسمت بمجموعةمن الخصائص الفنية وتتمثل في انفرادها بالسرد وخلوها الحوار بنوعيه والاتكاء علىالرؤية من خلف في العملية السردية باعتبار المعرفة الكلية للسارد ببواطن الشخصيةوبأفعالها وبأفكارها وملامحها الخارجية وباعتبار ضمير الغائب. وتحقيقا لشعرية القصةتوسل الكاتب بالتشبيهات القريبة المأخذ من مثل قوله:" " تخيل إليه كأشباح سود.." وقوله كذلك:" ذوات أدرع متعددة متحركة مثل أخطبوط هائل داكن" كما توسل بالعباراتالموحية من مثل:" برودة مريعة سرت من يدها" و" جانب الممر" " سياج الحديقة" دلالةعلى الموت و على الفصل بين فئة المهمشين الذين قهرتهم ظروف الحياة وفئة الذين جادتعليهم الحياة بنعيمها فاختاروا هذا المكان حفاظا على التوازن الجسديوالنفسي.
تأسيسا على ما سبق نستنتج أنالقصة لها القدرة على تناول ظواهر الحياة في جزئياتها لتمدنا بقيم إنسانيةواجتماعية قد نفتقدها في واقعنا عبر تقديم صور من النماذج البشرية مستغلة في هذالإمكانياتها الفنية من أحداث وشخصيات وفضاء الزمان و المكان وأدواتها التعبيرية منسرد ووصف وإيحاء.


أرسلت بتاريخ: 2010/9/17 14:24
.................
انقر لمشاهدة الصورة الأصلية في نافذة جديدة
تحويل المشاركة إلى تطبيقات أخرى تحويل تقرير أعلى




يمكنك قراءة موضوع.
لا يمكنك إضافة موضوع جديد.
لا يمكنك الرد على المشاركات.
لا يمكنك تحرير مشاركاتك.
لا يمكنك حذف مشاركاتك.
لا يمكنك إضافة إستفتاء جديد.
لا يمكنك التصويت في الإستفتاءات.
لا يمكنك إرفاق ملفات في مشاركاتك.
لا يمكنك المشاركة بدون موافقة المشرف.

[بحث متقدم]


من متواجد الآن
15 متواجد (9 في المنتدى)

عضو: 0
زائر: 15

المزيد
x